لكلّ مجتمع ما يبرّر عودته إلى الوراء، أو إقامته في الماضي من أجل البحث عن المزيد من التّعويض عن إخفاقات الحاضر أو غموض المستقبل؛ هو الإنسان نفسُه في كلّ زمان ومكان من يشعر بهذا الحنين الوجودي إلى الاحتماء، وكأنّ قدرنا أنْ نعيش فرادى أو جماعات مرفوقين بالتردّد، واجترار الماضي، والخوف من العقاب، دون أنْ تكون لنا القدرة على اقتحام المجهول، والتخلّص من أعباء هذا الإرث الذي لم نعُد فيه سوى كائنات عاجزة عن الفهم والاستيعاب، بلْه أنْ نكون قادرين فيه على التّجاوز والانتقال. إنّه مجتمع ممزَّق بين الماضي والحاضر، وبين الأصالة والمعاصرة، وبين التّاريخ والمستقبل. أو لِنقُل إنّه: "مجتمع يعاني...
يعيش العالم العربي الإسلامي، وخصوصا بعض الدول منه، بؤسا جنسيا عارما. والمقصود بالبؤس الجنسي عدم إشباع الرغبة الجنسية وعدم إرضائها، رغم حضورها الملحّ والمستمر. ويكمن ذلك البؤس تحديدا في الانعدام الكلي للنشاط الجنسي المتعوي، أو في ضعف تكراريته، أو في عدم تحقيق ممارسات جنسية متعوية مرغوب فيها نظرا "لشذوذها"، أو في الملل الجنسي مع عدم التمكن من تغيير الشريك أو من تغيير الممارسات الجنسية معه، وذلك مع شعور دائم بالحرمان.
تطوّرت النظريّات الاقتصاديّة في العالم منذ القرن الثامن عشر، وسعى علماء الاقتصاد إلى ملاءمة تلك النظريّات لمقتضيات الواقع وطبيعة التحولات التي شهدها المجتمع الأوروبيّ. ولئن قدّمت بعض النظريّات تصوّرات متكاملة تحدّد اقتصاديّات الدّول، بل توجّه الاقتصاد العالميّ بحسب مبادئها ومقاصدها مثل الرأسماليّة والاشتراكيّة، فإنّ إسهام الخطاب الديني في المجال الاقتصاديّ ظلّ حاضرا، رغم هيمنة العلم على هذا المجال. فقُدّمت الزكاة مثلا باعتبارها الحلّ الاقتصاديّ الأنجع للقضاء على التفاوت الطبقي وانتشار الفقر. ورغم ظهور نظريّات علميّة أثبتت فاعليّتها في حلّ المشاكل الاقتصاديّة، فإنّ مقولة الاقتصاد الإسلاميّ ظلّت هاجس تيّار فكريّ مؤمن بأسلمة الدولة وأسلمة الاقتصاد والمجتمع.
تصاعدت في العقود الأخيرة من القرن الماضي، وإلى اليوم، مصطلحات اجتماعيَّةـسياسيَّة تمثّلت في: قضايا العمّال المهاجرين في أوروبا، العنصريَّة وكراهية الغرباء، "الإسلام الإرهابي"، تصادم الثقافات، الشعبويَّة...، وقد لازمت هذه الظواهر، بأشكال متفاوتة، نظاماً رأسماليَّاً ليبراليَّاً يرحّل أزمته المجتمعيَّة إلى خارجها ويفسّرها، زوراً، بغرباء أربك عددهم المتكاثر حياته وقيمه، وفرض على "الأوروبيين" صوراً بعيدة عن عاداتهم وثقافاتهم.
أراد سبينوزا أنْ تتقدّم الفلسفة بتفسيرات عملية لتحرير المعرفة العقلانية من مقدمات التقديس والتصورات الزائفة والأفكار القبْلية المفترضة سلفاً. وكانت محاولته نابعة من إدراكه العميق لمشكلات عصره الفلسفية، ولاسيما في طرائق الفهم، ومناهج التحليل، وأساليب التفكير. ونظرَ، دائماً، إلى مشكلة المعرفة على أنها مشكلة العقل نفسه في مواجهة الطريقة اللاهوتية السلفية، لذلك شرعَ منذ البداية بتأليف رسالة في العام 1661 حول هذه المشكلة أسماها: رسالة في إصلاح العقل، متأثراً بفلسفة ديكارت العقلانية الشاكة بهذه المقدمات والتصورات السلفية المطلقة والدوغمائية، إذ دفعه ذلك بصورة أوسع إلى تخصيص كتاب حول الفلسفة الديكارتية نشره في العام 1663 بعنوان: مبادئ فلسفة ديكارت.
يرتكز الموضوع المطروح على سؤال جوهريّ يتكوّن مِنْ أكثر مِنْ شق: هل الإعلام يؤدّي وظيفة؟ وما نوع هذه الوظيفة؟ ومَنْ تخدم؟...للإجابة عن هذه الأسئلة، سنقارب الموضوع مقاربةً تاريخيّة، لعلّنا نصل إلى أُطرٍ تمكّننا من فهم حيثيّات الموضوع، والتحقق من صحّة الفرضيّة أو من عدم صحّتها.
كثير من دعاة الإلحاد الآن "يبشرون" بذات نبوة الشيطان: الوعي الإنساني في ازدياد مستمر يلازمه انحسار في التدين، النتيجة الطبيعية هي سيادة الإلحاد وتحول الدين إلى تاريخ. والإله الإبراهيمي سيلقى ذات مصير آلهة الإغريق القدامى؛ أي إنه سيتحول إلى أسطورة. هذه الأفكار لم تكن قناعات عند دوستويفسكي الذي كان مسيحيا مخلصا، ولعله لهذا السبب وضعها على لسان الشيطان، وجعل إيفان يصرخ فيه بأنه غبي لا يُخرج منه إلا أفكاره الغبية التي تخلّى إيفان عنها منذ زمن، بل إن دوستويفسكي برّأ الشيطان نفسه من الإلحاد، حيث أقسم لإيفان أنه لا علم له إن كان هناك إله أم لا! وأنه إنما يتشيطن...